بقلم: حنان الكريمي
في مبادرة فريدة من نوعها، احتضن المركز التجاري “مزار” يوم السبت 19 مارس 2016 بالمدينة الحمراء، نشاطا فكريا بألوان شبابية، اشرفت على تنظيمه مبادرة “كيفاش” التي أسست سنة 2013 وأعطيت انطلاقتها الفعلية سنة 2014، بقيادة ثلة من الفاعلين الشباب، على رأسهم السيد حسيبن بلعباس، السيد عمر حكوش، والسيد محمد بن ملوك.
وقد جاء هذا النشاط كانطلاقة ولبنة اولية لبرنامج صفحات كتاب في مراكش تحت شعار: “حين تقابل الكتاب والكاتب في الوقت نفسه”، الغاية من ذلك معالجة مؤلف فكري في كل حلقة بحضور صاحبه، حتى تتوحد التصورات حول ما جاء به هذا الكتاب وما اراد به المؤلف من رسائل وغايات.
من منطلق توجهها الفكري وفي اطار اولى حلقات برنامجها صفحات كتاب في مراكش، تنفتح “كيفاش” على الفضاء العلمي من اوسع ابوابه، لتستقبل المفكر المغربي الباحث في مجال إصلاح بيداغوجيا التعليم، والأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض بمراكش، الدكتور عبد الجليل أميم من خلال كتابه “مدخل الى البيداغوجيا او علوم التربية”، الحدث عرف مشاركة شبابية بارزة مدعمة بفعاليات جمعوية واعلامية متنوعة، واثبت النقاش مدى تفاعل الحضور ومستوى حمولتهم العلمية والمعرفية، المنصبة في معالجة وضعية قطاع التربية والتعليم على المستويين الوطني عموما والمحلي على وجه الخصوص.
خلال طرحه الغني بالافكار والتوصيات، اثار الدكتور أميم مجموعة من النقاط، حيث اكد على ان التجربة هي مصدر العلم، على اعتبار المنهج التجريبي يشكل مصدرا من مصادر هذا العلم، والذي اعتبره الدكتور المحاضر اقوى المناهج، مدعما ما قاله بافكار ميدانية منصبة في هذا الشأن. وفي طرح آخر، يعتبر الدكتور ان الأستاذ خلال ممارسته لمهنة التعليم، فإنه يمتلك مدة صلاحية معينة، ذلك ان عمر الأساتذة لا يعرف الاستقرار كما هو الشأن بالنسبة للفئة المتعلمة التي يستقبلونها عبر مرور السنوات. وهذا ما يلزم على الاستاذ ممارسة فعل التحيين، حتى لا يجد نفسه بين يدي ما اسماه المتحدث “بنهاية الصلاحية”.
ويؤكد الدكتور المحاضر على ضرورة اتباع مسار العلم في بناء القرارات، وكذا يبرز حاجة الوطن لعطاء مواطنيه قدر المستطاع، حتى يتسنى له الاستفادة منهم كما يستفيدون من خيراته، ويبرز وجوب فصل قطاع التعليم عن السياسة، وان يتم فسح المجال لاهل التخصص، وكذا وجوب التنويع في الاصلاح وفي الجهات المؤطرة، هذا من جهة، من جهة اخرى وفي السياق الواقعي المحض، يؤكد على ان معالجة مشكل التعليم في المغرب يجب ان يدعم بالانفتاح على الفئات المشتغلة بفعالية في المناطق الجبلية مثلا، كما يطرح المتحدث مطلبا اساسيا يستند الى قطع العلاقة مع مكاتب الدرسة الاجنبية في معالجة قضية التعليم، من منطلق عدم درايتها بواقع المجال المغربي.
وفي اطار اخر، يؤكد الدكتور أميم على ضرورة اعتماد استراتيجية تثمن اللغتين العربية والأمازيغية بالدرجة الاولى، ثم اللغة الانجليزية متبوعة باللغة الفرنسية، وعلى حد قوله: ” لن نتقدم الا بتصورات مغربية من الثقافة المغربية لانها تتوجه نحو انسان مغربي، طالب مغربي، تلميذ مغربي، فتاة مغربية…”.
وفي تصريحه الصوتي لنا، اكد الدكتور عبد الجليل أميم على ان كتابه “مدخل الى البيداغوجيا او علوم التربية” جاء كإجابة على مجموعة من التحديات التي لاقاها في حقل التربية والتعليم، كما اننا لم نغفل التفاعل مع بعض النقاط التي جاءت خلال فترة المناقشة، لنسلط الضوء على موضوع العمل الجماعي استحضارا لمبادئ المقاربة التشاركية، حيث حث الدكتور أميم على ضرورة ادراج هذه النقطة في المنهجية التعليمية، وتجاوز الفكر الفردي نحو فكر جماعي سيكون له الاثر الكبير على نجاح العملية التعليمية وكذا النجاح في كل القطاعات الاخرى اذا ما عملنا على تفعيله.